للكبد
دور شديد الأهمية في حياة الإنسان، وعندما تفقد خلايا الكبد قدرتها على
أداء وظائفها فحدث ولا حرج عما يمكن أن يلم بالمريض من أمراض واضطرابات
صحية!
دور شديد الأهمية في حياة الإنسان، وعندما تفقد خلايا الكبد قدرتها على
أداء وظائفها فحدث ولا حرج عما يمكن أن يلم بالمريض من أمراض واضطرابات
صحية!
ومرض تشمع الكبد من الأمراض التي ينتج
عنها إيذاء شديد لوظيفة الخلايا الكبدية، وعند الحديث عن هذا المرض، لابد
من التعريف بأهمية الكبد والوظائف الأساسية التي يضطلع بها في جسم الإنسان.
من الناحية التشريحية، يعد الكبد أكبر
الأعضاء الداخلية الموجودة في أحشاء جسم الإنسان، يقع في الجزء الأيمن
العلوي من البطن تحت أضلاع القفص الصدري اليمنى وتحت الحجاب الحاجز بشكل
مباشر، ويتكون الكبد من فصين اثنين: الفص الأيمن والفص الأيسر، ويتميز
الأيمن بكبر حجمه أكثر من الفص الأيسر، أما وظائف الكبد وأهميته بالنسبة
للإنسان، فإن الكبد يضطلع بدور فعال وأساسي في حياة الإنسان؛ حيث إنه مسؤول
عن القيام بالوظائف الآتية:
- يحتوي الكبد على الخمائر (الانزيمات)
التي تعمل على إزالة سمية واستقلاب العديد من المواد السامة والأدوية التي
تدخل جسم الإنسان، ولولا دور الكبد في هذا المجال لتراكمت السموم في الجسم
وقضت على كل ما فيه من آثار الحياة.
- ينتج الكبد ما يسمى بالعوامل المخثرة
(Clotting factors)، وهذه العوامل ذات أهمية فائقة في الحفاظ على حياة
الإنسان، حيث إنها تقوم بدور أساسي في خطوات عملية تخثر الجروح، ولولا هذه
العملية لتسبب أصغر الجروح التي تصيب جسم الإنسان بنزيف يؤدي إلى الموت.
- ينتج الكبد العصارة الصفراء ويفرزها في
المرارة التي بدورها تصب في القناة الهضمية، وللعصارة الصفراء أهمية شديدة
أثناء امتصاص الدهون من القناة الهضمية.
- يعمل الكبد على إعادة تصنيع وتخزين
العديد من المواد الغذائية المهمة في جسم الإنسان، والأمثلة على ذلك
متعددة؛ فعلى سبيل المثال؛ يعمل الكبد على تحويل سكر الجلوكوز الموجود بشكل
فائض في دم الإنسان إلى شكل الجلايكوجين ويخزنه في خلاياه، وعندما يصبح
الجسم في حاجة إلى سكر الجلوكوز، يعمل الكبد على تحرير وإطلاق سكر الجلوكوز
إلى الدم من جديد، كما يخزن الكبد العديد من الفيتامينات المهمة لجسم
الإنسان، وخصوصا تلك التي تعد ذائبة في الدهون مثل فيتامين أ.
يصيب مرض تشمع الكبد ما يقارب 26000 شخص
في كل عام، وهو من الأمراض التي تسبب الكثير من الألم والمعاناة لصاحبها،
فلك أن تتخيل عزيزي القارئ ماذا سيحل بجسم الإنسان لو أن وظائف الكبد التي
سبق وأن ذكرنا قد تعطلت أو أصابها العطب، والسؤال الآن: ما مرض تشمع الكبد،
وما أسبابه، وهل هو فعلا مرض قاتل؟
تعريف مرض تليف الكبد
حالة مرضية يحل فيها نسيج ليفي لا يؤدي أي
وظيفة تذكر مكان خلايا الكبد الطبيعية، مما يؤدي إلى ظهور أنسجة الكبد على
شكل أنسجة مليئة بالندبات، ويؤدي تقدم المرض إلى نقص في حجم نسيج الكبد
الطبيعي وزيادة في النسيج الليفي الذي ينقبض بمرور الوقت بحيث يصبح الكبد
أصغر حجما وأكثر صلابة.
مسببات تشمع الكبد
1. إدمان شرب المشروبات الكحولية بشكل
مزمن؛ حيث يسبب تناول هذه المشروبات خللا في عمليات التمثيل الغذائي
للبروتينات والكربوهيدرات والدهون بالكبد.
2. الإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي المزمن
من النوعين "ب" و"ج"، والإصابة بتشمع الكبد في هذه الحالة لا تكون حادة
ومباشرة بعد الإصابة بالفيروس، إنما هي مزمنة وتأخذ عقودا من الزمان.
3. بعض أمراض الجهاز المناعي؛ حيث يبدأ
جهاز المناعة في جسم المريض بمهاجمة خلايا الكبد وتدميرها، وبالتالي
تحويلها إلى خلايا غير فعالة، ولابد من ذكر أن هذا السبب هو من الأسباب
النادرة التي تسبب حالة تشمع الكبد.
4. بعض أنواع الأدوية والسموم البيئية.
5. بعض الأمراض الوراثية التي تسبب تراكم الحديد والنحاس في جسم الإنسان بشكل عام وفي الكبد بشكل خاص.
أما عن أعراض تشمع الكبد، فتشمل المراحل الآتية:
أولا: المرحلة الأولية: لا تظهر أعراض المرض الشديدة خلال هذه المرحلة، أما الأعراض التي من الممكن أن تظهر على المريض، فهي ما يلي:
- الإحساس بالإرهاق والضعف العام.
- فقدان الشهية والشعور بالغثيان والقيء.
- آلام في البطن.
- نقصان في الوزن.
- الاستسقاء وتراكم الماء في منطقتي
الأرجل والبطن، ذلك أنه حينما يفقد الكبد قدرته على تصنيع بروتين
الألبومين، فإن الماء يتجمع بين خلايا أنسجة الجسم، فتتورم.
- الحمى.
- الإصابة بالصفراء "اليرقان".
- الحكة نتيجة تجمع المادة الصفراء في منطقة الجلد.
- ضعف القدرة على التركيز.
ثانيا: المرحلة المتأخرة من المرض:
عند ضمور خلايا الكبد، يصبح غير قادر على
تنقية الدم من السموم بشكل كلي، وهذا يؤدي إلى تراكم السموم في جسم الإنسان
بشكل عام وفي الدماغ بشكل خاص، وتنتج عن ذلك الأعراض الآتية:
1. الحساسية المفرطة للعقاقير والأدوية.
2. حدوث تغيرات سلوكية على المريض؛ مثل الارتباك والإهمال والنسيان وقلة التركيز.
3. فقدان الوعي والغيبوبة.
4. ارتفاع الضغط في الوريد الكبدي البابي
الذي يحمل الدم من أعضاء الجهاز الهضمي والطحال إلى الكبد، مما يسبب تضخم
الأوعية الدموية في المعدة والمريء، الأمر الذي يؤدي إلى قيام الجسم بإعادة
بناء أوعية جديدة لكي تغذي الكبد، وهذه الأوعية المتضخمة تسمى بالدوالي
ولها جدار رفيع، وإذا انفجر أي منها يسبب نزيفا يؤدي إلى الموت، ولذلك فإنه
إذا تقيأ المريض دماً، عليه أن يراجع قسم الطوارئ بأسرع ما يمكن.
علاج تشمع الكبد
التغيرات التي تحدث لخلايا الكبد عند
الإصابة بهذا المرض لا رجعية، وبالتالي فإن علاج مرض تشمع الكبد يهدف إلى
الحفاظ على الاستقرار الصحي للمريض قدر الإمكان ومنع حدوث حالة التدهور
السريع للمرض، ذلك أن هذا المرض سريع التطور ولا يمكن علاجه أو الشفاء منه،
ويصبح الأمل الوحيد للمرضى الذين يعانون منه القيام بعملية زرع الكبد،
ورغم صعوبة هذه العملية، إلا أن نسبة نجاحها تتراوح بين %80 و90 %.
وبشكل عام يجب أن تتضمن خطوات العناية بتشمع الكبد ما يلي:
- معالجة ومنع سبب الإصابة، فعلى سبيل
المثال؛ إن كان سبب الإصابة فيروس التهاب الكبد "ج" أعطي المريض عقار
"الإنترفيرون"، وإن كان سبب المرض تناول الكحول يطلب من المريض الامتناع
تماما عن تناوله.
- ينصح المريض باتباع نظام غذائي صحي من شأنه أن يقلل الجهد الواقع على الكبد.
- قد يعطى المريض مدرات البول للتقليل من حالة الاستسقاء.
- يعطى المريض بعض الأدوية الأخرى؛ مثل
المضادات الحيوية لعلاج الالتهابات الجرثومية والأدوية المضادة للحكة
وملينات الأمعاء للتخلص من سمومها.
زراعة الكبد
في الماضي، كانت عملية زراعة الكبد مجرد
حلم يراود الأطباء والمرضى الذين يعانون من فشل دائم في وظيفة الكبد، إلا
أنه وبعد جهود مضنية، أصبح هذا الحلم واقعا وحقيقة ممكنة، وأصبحت عملية
زراعة الكبد بمثابة الضوء الذي يقبع في نهاية ممر الفشل الكبدي، فما هذه
العملية؟ وكيف تجرى؟ هذا ما سوف نتحدث عنه اليوم.
الكبد هو أحد أعضاء الجسم القليلة القادرة
على النمو والتخلق من جديد Regenerate بعد أن يفقد جزءا من تركيبه، إلا
أنه في بعض الأحيان يكون الضرر الذي قد أصاب الكبد شديدا جدا لدرجة يصعب
على الكبد في مثل هذه الحالة أن يعوض ما فقده من أنسجة، وفي مثل هذه
الحالة، فإن الحل الوحيد لمثل هذه المعضلة الصحية هو عملية زراعة الكبد.
حتى تتم عملية زراعة الكبد، لا بد من وجود متبرع للكبد تتوافر فيه الشروط الآتية:
- التمتع بحالة صحية جيدة، بحيث يكون المتبرع قادرا صحيا على تحمل أعباء الجراحة وتوابعها.
- خلو المتبرع من الأمراض الجرثومية والالتهابات التي يمكن أن تنتقل إلى المريض.
- وجود تطابق بين أنسجة المريض وأنسجة المتبرع، وذلك حتى لا يرفض جسم المريض الكبد المزروع المتبرع به.
تحضير المريض والمتبرع للعملية
قبل البدء بعملية زراعة الكبد، لا بد أن يجري الطبيب عددا من الفحوصات الطبية للمريض والمتبرع، ومن أهم هذه الفحوصات ما يلي:
- عمل صورة شعاعية للصدر بواسطة أشعة إكس Chest x-ray.
- عمل تخطيط للقلب (Electrocardiogram (ECG للتأكد من سلامة وظيفة القلب لدى المريض وقدرة المريض على تحمل ظروف العملية.
- عمل فحوصات فوق صوتية لكبد
المريضUltrasound with Doppler examination: تساعد الطبيب على معرفة فتحات
ومخارج الصبغة المرارية والأوعية والشرايين والأوردة الموجودة في كبد كل من
المريض والمتبرع.
- عمل مسح بواسطة فحص CT (CAT) scan: وهذا الفحص يفيد الطبيب في تقصي حجم الكبد والأوعية والدموية فيه.
- عمل صورة رنين مغناطيسيا لـ MRI magnetic resonance imaging).
- عمل مسح لعظام المريض Total-body bone scan.
- عمل فحوصات الدم Blood tests.
- عمل فحوصات للتأكد من سلامة وظيفة الرئة Pulmonary function test.
- عمل صورة للأوعية الكبدية والمرارية في كبد المريض والمتبرع.
- عمل فحص الكلى.
هذا إلى جانب عدد من الفحوصات الأخرى التي يصفها الطبيب قبل القيام بهذه العملية الكبيرة.
العملية
في الغالب تتطلب عملية زرع الكبد مدة
زمنية لا تقل عن أربع ساعات، يكون المريض خلالها مستلقيا على ظهره ومخدرا،
يقوم الطبيب بعمل شق في بطن المريض جهة الكبد، وبعد ذلك يستأصل الجزء
المراد استبداله من كبد المريض، والذي عادة ما يكون الفص الأيمن، ورغم ذلك،
فإن الجزء المستبدل يختلف من حالة إلى أخرى تبعا لنتائج الفحوصات التي
أجريت فيما سبق.
وهذه العملية شديدة الصعوبة، وعلى الطبيب
أن يتوخى أقصى درجات الحذر للمحافظة على سلامة الأوعية الدموية والمرارية
الموجودة في الكبد.
ماذا بعد عملية زراعة الكبد؟
بالنسبة للمتبرع، فإن استئصال جزء من
الكبد لن يؤثر على صحته أو على وظيفة الكبد لديه؛ ذلك أن الكبد يبدأ بالنمو
من جديد معوضا الجزء المزال خلال الأسابيع الأربعة الأولى من عملية
الاستئصال، وبعدها يرجع الكبد إلى وضعه الطبيعي تقريبا.
أما بالنسبة للمريض، فإنه سيشعر بالألم
بعد العملية، ولذا يصف له الطبيب بعض مسكنات الألم، وفي الغالب تتطلب هذه
العملية إقامة المريض في المستشفى لفترة زمنية تتراوح بين خمسة وعشرة أيام
تتم خلالها متابعة حالة المريض الصحية بشكل حثيث وإعطاؤه بعض الأدوية التي
تخفض مناعة الجسم Immunosupressant وتمنع رفض الجزء المزروع، وبعد خروج
المريض من المستشفى، من المهم أن يواصل تناول الأدوية التي وصفها له
الطبيب، وأن يحافظ على مواعيده مع الطبيب للتأكد من عدم حدوث الرفض وضمان
نجاح العملية