الفوبيا المدرسيّة:اسبابها وعلاجها
الذهاب إلى المدرسة ومواجهة هذا العالم المليء بالأقران الغرباء والراشدين
المتطلبين الذين يلزمون التلميذ الكثير من الواجبات، التركيز في الصف، قلّة
الحركة، الإجابة عن الأسئلة غير المتوقّعة كلّها أمور قد تجعل التلميذ
يخاف المدرسة ويرفض الذهاب إليها وكأن وحشًا ينتظره هناك ليبتلعه.
الفوبيا المدرسية أو القلق المدرسي أو الرفض المدرسي كلّها عبارات تشير إلى
ظاهرة خوف شديد من المدرسة، يقود التلميذ إلى تجنب مواجهته بشكل منظّم،
فمن الصعب تصوّر أن المدرسة مكان التواصل الإجتماعي للطفل بامتياز، وأيضًا
منهل للتعلم يمكن أن تكون مصدر ألم التلميذ. لماذا يخاف التلميذ المدرسة؟
ومتى يكون خوفه مرضيًا؟ ما هي الأسباب وراء خوفه؟ وما الفارق بين الفوبيا
المدرسية المرضية والخوف من المدرسة؟ في ما يلي نص مقابلة أجتها مجلة «لها»
مع الإختصاصية في علم نفس الطفل كالين عازار.
- كيف يمكن الأهل معرفة ما إذا كان التلميذ يتألّم فعلاً من ذهابه إلى
المدرسة؟ هناك بعض الإشارات يجب الأخذ بها، أولاها أعراض جسدية، إذ يصاب
التلميذ بالذعر ويشعر بآلام في الرأس أو المعدة، ويعاني أزمات قلق حادة،
عندما يحين وقت الذهاب إلى المدرسة. وثانيتها العبارات التي يتفوّه بها،
فهو يصرخ، ويتوسل إلى والدته ليبقى في المنزل، ويهدّد بالهرب. وأخيرًا يجد
دائمًا مبررات لخوفه من الذهاب إلى المدرسة مثلاً: "الأستاذ لا يحبني،
التلامذة يتهكّمون علي". واللافت أن هذه الأعراض تختفي خلال أيام عطلة
الأسبوع أو الإجازة الصيفية.
- من هو التلميذ الذي يخاف المدرسة؟ هناك نوعان من التلامذة يخافون من
المدرسة. النوع الأول، التلامذة الذين يعانون تراكم اضطرابات القلق، منهم
التلميذ الذي يعاني قلق الإنفصال وبالتالي فإن فعل الإبتعاد عن البيت
العائلي لا سيما والدته يبدو مستحيلاً، وهناك الذين يعانون فوبيا اجتماعية
ويصابون بالذعر لمجرد خروجهم إلى الشارع، وهناك الذين لا يحتملون نظرات
الآخرين إليهم، أو الذين لا يحتملون أن يٌسألوا من أساتذتهم. وهناك مظاهر
قلق تزداد حدّتها بسبب عوامل خارجية مثلا كأن يكون الطفل قد تعرّض للذل
أمام رفاقه، أو أن أحدًا اعتدى عليه، أو أن أحدهم يهدده.
أما النوع الثاني من التلامذة الذين يعانون فوبيا المدرسية، فهم المحبطون،
وبالتالي فهم لا يبالون بالمدرسة إطلاقًا لأنها لا تعني لهم شيئًا، وسبب
ذلك إما لأنهم يحصلون باستمرار على علامات متدنية أو لأنهم يشعرون بأنهم
غير مقدّرين أو بأن أحدًا لا يفهمهم، خصوصًا التلامذة الذين يعانون
الديسليكسيا أو مفرطي النشاط. لذا يكون إهتمامهم موجّهًا إلى مجال آخر
يشعرهم بأنهم مقدّرون ولهم قيمة، مثلا يفضلون ألعاب الفيديو أو النشاطات
الرياضية.
كما يمكن القلق أو الخوف المدرسي أن يولد بسبب الواجبات والفروض المدرسية
التي تتطلب من التلميذ جهدًا كبيرًا. فضلاً عن أن التلميذ في مرحلة
المراهقة مطلوب منه أن يخطط لمستقبله الجامعي والمهني، ما يجعله يعيش في
حالة توتر وقلق دائمين قد يؤديان إلى خوف من المدرسة، خصوصًا إذا لم يكن
على قدر توقّعات الأهل والأساتذة.
- هل الأهل هم أيضًا مسؤولون عن فوبيا المدرسة عند أبنائهم؟ هناك عوامل
كثيرة تجعل التلميذ يخاف المدرسة إلى درجة الذعر. وقد يكون الأهل أحد هذه
العوامل. فإذا لم يكن هناك مشكلات مثل الشجار المستمر بين الزوجين الأمر
الذي يجعل التلميذ يشعر بالذنب لأنه يظن أنه سبب الخلاف، فإن الأهل الذين
يطلبون من التلميذ ما يفوق قدراته الذهنية، يُشعرون ابنهم بالعجز عن تحقيق
مراد أهله ما يجعله يصاب باضطراب قلق شديد يعبر عنه بأعراض الفوبيا
المدرسية.
- ماذا يجدر بالأهل أن يفعلوا حيال خوف ابنهم من المدرسة؟ في البداية، على
الأهل أن يتحقّقوا من الأسباب التي تجعل ابنهم أو ابنتهم يخاف من المدرسة،
فهناك فارق بين التلميذ الذي يرفض الذهاب إلى المدرسة بسبب خوفه من
الإنفصال عن والدته وهذا النوع من الخوف يجب أن يتلاشى في غضون أيام، وبين
الخوف الدائم أي حصول نوبة رفض دائمة خلال العام المدرسي. فهذا مؤشر لوجود
مشكلة، فإما أن يكون يواجه مشكلة عائلية، مثل انفصال الوالدين أو قدوم
مولود جديد إلى العائلة، وفي كلتا الحالتين على الأهل أن يعززوا عنده
الشعور بالأمان والطمأنينة. وإذا لم تكن المشكلة في العائلة على الأم أن
تتحقق من الأسلوب التعليمي في المدرسة، فقد تكون المربية قاسية ولا تعرف
كيف تتعامل مع التلامذة، أو قد يكون هناك طفل آخر يهدد ولدها، أو أن المنهج
التعليمي لا يتناسب مع قدرات التلميذ، وبالتالي يشعر بالعجز ما يؤدي إلى
نوبات غضب أو أعراض مرض.
- هل تغيير المدرسة أو الصف في هذه الحالة هو الحل؟ بالطبع لا. فالتلميذ
الذي لديه خوف شديد من المدرسة سوف ينقل معه هذا الخوف إلى أي مدرسة أخرى
يذهب إليها. لذا يجدر بالأهل الإجتماع بإدارة المدرسة إذا كانت المدرسة
مصدر المشكلة، وعليهم التحدّث إلى المعلمة، فقد تكون لطيفة جدًا ولكن
التلميذ لا تروقه، أو ربما هناك طفل يزعجه. لذا فتغيير المدرسة ليس الحل.
هنا أنبّه الأهل ألا يتهاونوا مع ابنهم عندما يرفض الذهاب والسماح له
بالمكوث في المنزل فهو سيجد في إدعائه المرض وسيلة مثلى للبقاء في المنزل،
بل عليهم أن يكونوا حازمين ويصحبونه إلى المدرسة طالما أنه لا توجد مشكلة
مدرسية أو صعوبة تعلّمية أو نفسية. أما في الحالات المرضية وعندما يكون
الخوف إلى درجة فوبيا فعليهم استشارة اختصاصي نفسي، يتعاون مع الأهل
والمدرسة لمساعدة التلميذ على التخلص من مخاوفه.